ربط الدماغ البشري بالحاسوب
أهم سؤال محير يحتاج إلى أن نتطرق إليه قبل التحدث عن هذا الموضوع هو : هل الإنسان مخلوق كامل؟! قد يجب البعض ب لا! معتبرين مثلا أن الإنسان لا يمكنه الطيران من تلقاء نفسه كما تفعل بعض الكائنات أو الغوص إلى أعماق البحر كحجج لدعم رأيهم. و قد تطرق الفيلسوف ديكارت إلى هذا الموضوع و إستخلص أهم إستنتاج حول ذلك بأن : الله خلق الإنسان بهذا الشكل عمدا. مجيبا على بعض الفلسفات التي كانت تقول مادام الإنسان فيه نقائص و نقاط ضعف فهذا يعني أن الخالق غير كامل أيضا لأنه خلق شيئا غير كامل! هدفنا ليس إستعراض الفلسفات الإلحادية هنا و إنما لأقود القارئ الكريم إلى الفكرة الرئيسية التي أرغب في أن يعرفها الجميع و هي بأن : الإنسان كامل بعقله و وعيه و هو التقويم الحسن الذي ذكر في القرآن الكريم من حسن المظهر أولا إلى الوعي و الإدراك ثانيا. الإنسان من دون عقل يعتبر أظل من الأنعام التي تؤدي وظائف محددة لها، و بالعقل الذي هو مصدر كمال الإنسان بالنسبة للمخلوقات الأخرى فهو يخترع وسائلا بالعقل الذي منحه الله إياه من أجل إكمال مالا يستطيع فعله ذاتيا كالطيران و الغوص و الرؤية لمسافات بعيدة و التنقل بسرعة و إستشعار الإشارات و الموجات المختلفة و نقل صوته لمسافات بعيدة و هذه كلها أيضا تعتبر منحة من الله تعالي الذي منحنا عقلا نستطيع به فعل ذلك، و لهذا فأي وسيلة أو أداة تزيد قدراتنا تكون مطلوبة و ضروري إنجازها و إستعمالها لأنها تعبير مباشر عن الكمال الخلقي الذي صورنا و خلقنا الله عليه.
إلون ماسك الملياردير الأمريكي و مؤسس شريكتي تسلا و سبيس إكس و شخص معروف بإستثماراته في مجال العلم و التكنولوجيا صرح قبل أيام بأنه في الشهور القليلة القادمة سوف يتم ربط أدمغة البشر بالكمبيوتر من أجل جعل البشر خارقين و أصحاب قدرات عالية جدا. أنا شخصيا كان و مازال هذا أحد أحلامي و كثيرا ما أكتب و أتحدث عن الحضارة الجديدة و الإنسان الجديد الذي سوف يبنيها. و كان تصوري للإنسان الجديد هو الذي يزيد قدراته بإستعمال الألات الذكية و تقنيات الذكاء الإصطناعي من أجل زيادة وعيه و إدراكه لمحيطه و إتخاد قرارات سريعة و تجنب المخاطر و تسهيل الخدمات المتعلقة بالحياة.
في مجال بحثي المتعلق بمعالجة و تحليل الصور الطبية للدماغ من أجل إكمال شهادة الدكتوراه سأحاول تقديم بعض المعلومات التي ربما تساعدنا في التنبؤ بشكل هذه التقنية التي أعلن عنها إلون ماسك.
لنجاح هذه التقنية فلابد من القدرة على آخد إشارات من الدماغ و كذلك إرسال إشارات للدماغ.
1- أخد إشارات من الدماغ : هناك تقنيات عدة متوفرة الأن من أجل أخد إشارات من الدماغ، هناك تقنيات لإلتقاط إشارات للدماغ أثناء تفكيره في شيئ ما ثم بإستعمال طرق تعلم الألة نستطيع تصنيف هذه الإشارات من أجل القيام بردود أفعال إتجاه ذلك. مثلا تفكر في فتح الباب أو إطفاء الأنوار أو تشغيل حاسوبك فإن الجهاز المستقبل لتلك الإشارات يستطيع تميز ذلك و القيام بما تريد. أبسط و أشهر تقنية هي (Electroencephalography – EEG) تقوم بقياس النشاط الكهربائي على فروة الرأس و الذي هو مقياس مباشر للنشاط العصبي. يمكنها من تحديد التغيرات في نشاط الدماغ و هذه التغيرات يمكن الإستفادة منها لفهم ما يقوم به الدماغ فهناك 14 منطقة في الدماغ لها وظائف هامة (راجع مقالي السابق على الرابط [1]) أو تشخيص بعض الأمراض و معرفة السبب في بعض السلوكيات الغير مرغوبة. هذه التقنية لها دقة زمنية عالية و لكن دقة مكانية ضعيفة، و من أجل ذلك تم وضع تقنية محسنة أخرى و هي (Electrocorticography – ECoG) و هي بوضع أقطاب كهربائية مباشرة على سطح الدماغ المكشوف لتسجيل النشاط الكهربائي. أيضا يمكن إستعمال أقطاب كهربائية توضع في منطقة عميقة من الدماغ كما في التقنية الثانية المحسنة (Stereotactic EEG – SEEG).
تقنية (Magnetoencephalography – MEG) تقيس المجال المغناطيسي الناجم عن النشاط الكهربائي للخلايا العصبية و هي تعتبر أحس من (EEG) لأن الحقل المغناطيسي أقل تأثرا بالجمجة و فروة الرأس من الحقل الكهربائي.
تقنية (Positron Emission Tomography – PET) تنتمي هذه التقنية أو الصورة إلى الطب النووي و تعتمد على تتبع المواد المشعة التي يتم إدخالها إلى الدماغ، يمكنها توفير معلومات مفصلة عن العمليات الكيميائية الحيوية أو الفسيولوجية. نفس الشيء بالنسبة لتقنية (Single Photon Emission Computer Tomography – SPECT) التي تعتمد على حقن مواد مشعة في الدم.
تقنية (Near-Infrared Spectroscopy – nIR) و هي تقنية طيفية تعتمد على الأشعة تحت الحمراء في الطيف الكهرومغناطيسي لقياس تركيز الأوكسجين و الهيموجلوبين في الدماغ و العضلات و الأنسجة الأخرى.
تقنية تصوير الرنين المغناطيسي / الوظيفي (MRI/FMRI) من أجل أخد صور هيكلية أو وظيفة للدماغ.
2- إرسال إشارات للدماغ : رغم أني قرأت مواضيع في هذا المجال إلا أن المعلومات غير مكتملة لدي للكتابة عن التقنيات الموجودة و لهذا أعتذر حاليا و إلى حين إكتمال صورة عامة لدي عن مختلف الطرق المستعملة سوف أعود و أكمل هذا الجزء.