أمن و حماية البياناتمقالات

تاريخ القرصنة الألكترونية

بداية القرصنة

لا يمكن فعليا تحديد الفترة الزمنية لأول عملية قرصنة ، وذلك لأن مفهوم القرصنة قديما لم يكن يعني مجرد قرصنة شبكة حاسوب أو موقع إلكتروني، وإنما كان قرصنة أي جهاز لتحقيق هدف خاص يسمى قرصنة، وعلى هذا الأساس يمكن القول إن عام 1903 شهد أول عملية قرصنة في التاريخ، تطورت القرصنات بعدها لتصل إلى حد الحروب الإلكترونية

في عام 1903 كان الفيزيائي جون أمبروز فلمنج يستعد لعرض إحدى العجائب التكنولوجية المستجدة وهي نظام تلغراف لاسلكي بعيد المدى ابتكره الإيطالي جوليلمو ماركوني، في محاولة لإثبات أن رسائل شفرة مورس يمكن إرسالها لاسلكيا عبر مسافات طويلة، وكان ذلك أمام جمهور غفير في قاعة محاضرات المعهد الملكي الشهيرة بلندن.

وقبل بدء العرض بدأ الجهاز ينقر مكونا رسالة، كانت في البداية كلمة واحدة ثم تحولت إلى قصيدة ساخرة بشكل غير لائق تتهم ماركوني “بخداع الجمهور”، فقد تم قرصنة عرض ماركوني وكان المخترق هو الساحر والمخترع البريطاني نيفيل ماسكيلين الذي قال لصحيفة تايمز إن هدفه كان كشف الثغرات الأمنية من أجل الصالح العام

في عام 1932 تمكن خبراء التشفير البولنديون ماريان ريجيوسكي وهنري زيجلاسكي وجيرزي روزيكي من فك شفرة جهاز إنيغما الذي استخدمه بشكل خاص الألمان خلال الحرب العالمية الثانية لإرسال واستقبال رسائل سرية.

في عام 1971 ابتكر جون درابر -الملقب بكابتن كرنتش- وصديقه جو إنغريسيا الصندوق الأزرق الذي استخدماه للتحايل على نظام الهاتف وإجراء مكالمات هاتفية بعيدة المدى مجانا.

 

  • سيتي بنك كان ضحية إحدى أكبر عمليات القرصنة الإلكترونية (غيتي)

الثمانينيات والتسعينيات

 

  • ونقفز إلى عام 1981 حيث تشكلت مجموعة قراصنة “نادي فوضى الحاسوب” في ألمانيا، ومجموعة “أسياد البرامج” (وير لوردز) في أميركا التي تتألف من العديد من المتسللين المراهقين ومخترقي الهاتف والمبرمجين والعديد من قراصنة الحاسوب الذين يعملون في الخفاء.

 

  • في عام 1988 ظهرت “دودة موريس” -إحدى أوائل ديدان الحواسيب المعروفة التي أثرت في البنية التحتية للإنترنت وانتشرت في الحواسيب وعلى نطاق واسع داخل الولايات المتحدة، واستغلت الدودة نقطة ضعف في نظام يونيكس “ناون 1” واستنسخت ذاتها بانتظام وتسببت بإبطاء أداء الحواسيب لدرجة عدم القدرة على استخدامها.

وعند اعتقال مطور هذه الدودة روبرت تابان موريس أصبح أول قرصان يدان تحت قانون “احتيال الحاسوب وإساءة الاستخدام”، وهو الآن أحد القراصنة الأخلاقيين (أصحاب القبعات البيضاء) حيث يعمل بروفيسورا في معهد ماساتشوستس التكنولوجي.

وفي صيف عام 1994 تمكن قرصان روسي يدعى فلاديمير ليفين من قرصنة بنك “سيتي بنك” الأميركي وتحويل عشرة ملايين دولار من حسابات عملاء إلى حساباته الشخصية في فنلندا وإسرائيل مستخدما حاسوبه المحمول. حكم عليه بعد اعتقاله بالسجن ثلاث سنوات، واستعادت السلطات كافة المبلغ المسروق باستثناء أربعمائة ألف دولار.

  • أنونيموس تبنت مسؤولية العديد من الهجمات التي استهدفت مواقع إنترنت إسرائيلية (غيتي)

قرصنات القرن الـ21

في ديسمبر/كانون الأول 2006 أجبرت ناسا على حجب رسائل البريد الإلكتروني التي تأتي مع مرفقات قبل إطلاق المركبات الفضائية خشية قرصنتها ، وذكرت مجلة “بيزنس ويك” الأميركية أن خطط إطلاق مركبات الفضاء الأميركية الأخيرة حصل عليها مخترقون أجانب غير معروفين.

في عام 2007 تعرضت شبكات حاسوب الحكومة الإستونية لهجوم من نوع الحرمان من الخدمة من طرف مجهولين، وذلك بعد جدال مع روسيا بشأن إزالة نصب تذكاري، وتعطلت في الهجوم بعض الخدمات الحكومية الإلكترونية والخدمة المصرفية عبر الإنترنت، وفي ذلك العام اخترق حساب بريد إلكتروني غير سري لوزير الدفاع الأميركي من طرف مجهولين ضمن سلسلة كبيرة من الهجمات للوصول إلى شبكات حاسوب البنتاغون.

وفي صيف عام 2008 اخترقت قاعدة بيانات حملات المرشحين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة من قبل مجهولين قاموا بتحميل تلك البيانات، وفي أغسطس/آب اخترقت شبكة حواسيب في جورجيا من طرف مخترقين مجهولين خلال فترة صراعها مع روسيا.

وفي يناير/كانون الثاني 2009 وخلال الحرب على قطاع غزة تعرضت بنية الإنترنت التحتية في إسرائيل لهجمات إلكترونية عديدة تركزت على مواقع إلكترونية حكومية، ونفذت الهجمات باستخدام نحو خمسة ملايين حاسوب على الأقل وفقا لمجة “ناتو ريفيو” الإلكترونية، وتبنت مجموعة القراصنة المجهولين (أنونيموس) الكثير من تلك الهجمات.

 

شبكة حواسيب سوني بيكتشرز تعرضت لهجمة إلكترونية مدمرة (أسوشيتد برس)

حرب إلكترونية

في يناير/كانون الثاني 2010 عطلت جماعة تطلق على نفسها اسم “الجيش الإيراني السيبراني” خدمة البحث على الإنترنت لمحرك البحث الصيني الشائع “بايدو”، وكان يتم تحويل مستخدمي محرك البحث إلى رسالة سياسية إيرانية، وكانت الجماعة ذاتها اخترقت “تويتر” في ديسمبر/كانون الثاني 2009 مع توجيه رسالة مشابهة.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2009 اكتشف فيروس “ستكسنت” وهو برمجية خبيثة معقدة مصممة لتعطيل أنظمة التحكم الصناعية من إنتاج سيمنز كالتي تستخدمها إيران وإندونيسيا إلى جانب دول أخرى، الأمر الذي أثار تكهنات بأنها سلاح إلكتروني حكومي استهدف برنامج إيران النووي.

في يناير/كانون الثاني 2011 أعلنت الحكومة الكندية تعرض وكالاتها لهجوم إلكتروني ضخم من بينها وكالة البحث والتطوير الدفاعي الكندية، وأجبرت الهجمات وزارة المالية ومجلس الخزانة الكنديين على فصل اتصالهما بالإنترنت.

وفي يوليو/تموز 2011 أعلن نائب وزير الدفاع الأميركي أن قراصنة إنترنت سرقوا 24 ألف ملف من وزارة الدفاع في عملية واحدة خلال مارس/آذار، مضيفا أن الوزارة تعتقد أن وراء الهجوم دولة وليس أفرادا أو مجموعة قراصنة.

في أكتوبر/تشرين الأول 2012 اكتشفت شركة أمن المعلومات الروسية “كاسبرسكي” هجوما إلكترونيا عالميا حمل اسم “أكتوبر الأحمر”، وقالت إنه يجري منذ عام 2007 على الأقل ويعمل على جمع معلومات من سفارات وشركات أبحاث ومؤسسات عسكرية وشركات طاقة وغيرها، مشيرة إلى أن أهداف الهجوم الرئيسية هي دول في أوروبا الشرقية ودول الاتحاد السوفياتي السابق وآسيا الوسطى، وبعض دول أوروبا الغربية وشمال أميركا.

وفي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2014 تعرضت شبكة حواسيب شركة سوني بيكتشرز اليابانية في الولايات المتحدة لهجوم إلكتروني عنيف نتجت عنه سرقة عدد من الأفلام السينمائية الحديثة التي لم يكن بعضها قد عرض بعد، وتسريب مئات آلاف رسائل البريد الإلكتروني والبيانات الشخصية لحسابات معروفة، ووصفت بعض تلك الرسائل بالمحرجة، وبشكل عام تكبدت الشركة نتيجة هذا الهجوم -الذي نسب إلى كوريا الشمالية أو متعاطفين معها- خسائر قدرت بنحو مائة مليون دولار.

زر الذهاب إلى الأعلى