هل يستطيع الذكاء الإصطناعي هزيمة العقل البشري؟
هل يتمكن الذكاء الصناعي من منافسة العقل البشري ؟
المنافسة بين العقل البشري و الذكاء الإصطناعي هي حديث الساعة و المستقبل و كون بعض التصريحات تقول بأن الذكاء الإصطناعي أو الربوتات ستتفوق على البشر يعتبر أمرا مخيفا لكل البشرية و سأحاول الإجابة عن هذا السؤال من وجهتي نظري الخاصة بشكل مبسط و سريع.
فلسفيا :
إذا قلنا فرضا بأن المصنوع أو المخلوق يمكنه صنع أو خلق ماهو أفضل منه و إذا تواصل هذا الأمر مع الزمن في سلسلة من الخلق و التطوير فإنه في مرحلة زمنية محددة سنتجاوز قدرة الخالق الأول و هذا يتنافى مع الحقيقة المنطقية بأن الإله (الله ) هو قاهر لكل الخلق و فوقهم جميعا. من جهة أخرى ندرك تمام الإدراك بأن الإنسان مخلوق غير كامل، لا يمكنه الطيران ذاتيا و لا الغوص، يعتريه النسيان و الضعف، ذاكرته محدودة، قدرته على الفهم و الإنجاز محدودة ، تجربته محدودة في كل شيء.
يمكن للإنسان أن يعيش بعض التجارب العاطفية أو الإجتماعية لكن بشكل محدود. عندما ندرك بأن الإنسان غير كامل ندرك أيضا أن الغير كامل ينجز أشياء غير كاملة.
كل هذا لأقودك إلى المعادلة التالية : أداء الربوت يكون أقل أو يساوي أداء الإنسان ناقص هامش الخطأ.
Pr <= Ph – £
و بالتالي يستحيل نظريا إنجاز ربوت يفوق الإنسان، لكن هل يمكن أن ينقرض الإنسان بفعل الربوتات هنا أقول نعم. يمكن في لحظة ما من فقدان السيطرة على البرامج المتحكمة في إطلاق الصواريخ النووية أن تمحو الحياة من سطح الأرض. العقل البشري عام و لديه نظرة عامة عن الذكاء عكس العقل الإصطناعي الذي يكون متخصصا أكثر. ففي حرب طويلة الأمد بين البشر و الربوتات مع قدرة البشر على التطور و التكيف الطبيعي يمكنهم الفوز على الربوتات، الخطر هو في الأمور التي تتم بسرعة و في مدة غير كافية للإنسان للتأقلم مع الحالات الطارئة الجديدة.
علميا :
من الناحية العلمية الذكاء الإصطناعي تفوق على العقل البشري في عدة مجالات و عدد هذه المجالات في تزايد مستمر. مثلا مترجم جوجل، يستطيع الإنسان تعلم حتى 10 لغات لكن يستحيل أن يتعلم أكثر من 100 لغة.
مترجم جوجل ليس فصيحا كأصحاب اللغة الأم لكنه يقدم ترجمة مفهومة إلى حد ما و هذه القدرة قابلة للتطور أكثر ألاف الأضعاف مع الحواسيب الكمومية ذات القدرة العالية و قد تصل المترجمات الألية إلى أن تكون أفصح من أصحاب اللغة الأصليين. في مجال الحسابات لا مجال للمقارنة بين سرعة الألة و سرعة العقل البشري، التيار الكهربائي يسير أسرع بكثر في الأسلاك المعدنية عن الروابط البيولوجية و الدم في الشرايين حيث الخلية العصبية تنتظر و صول الدم محملا بالأكسجين و الجلوكوز لتقوم بعملها.
يستحيل حاليا إجراء الحسابات المالية و أجور الموظفين و متابعتهم يدويا كالسابق في الشركات الكبرى و لا إستغناء عن الألة. هناك فرق شاسع في القدرة على التحمل و العمل لساعات متواصلة لصالح الألات. عمر الإنسان قصير و كل إنسان يولد يبدأ مرحلة التعلم من الصفر و يستغرق سنوات في عملية التعلم و التدريب بينما الربوتات تنقل الخبرات السابقة بينها عن طريق النسخ و اللصق أو الإرسال المباشرة. لدينا السرعة و القدرة على التحمل و هما عنصران أساسيان في عملية تغلب أي عنصر و هما لصالح الألة حاليا و تبقى الكفاءة التي يتفوق فيها الإنسان حاليا على العموم لكن في بعض المجالات الكفاءة تميل لصالح الذكاء الإصطناعي، مؤخرا حتى في تشخيص الأمراض و التعرف عليها. و مع ظهور الحواسيب الكمومية قريبا كما هو متوقع فإن الكفاءة أيضا سوف تميل لصالح الذكاء الإصطناعي في غالبية المجالات.
التفرد أو (singularity )
و هو الحالة التي تستقل فيه الألات عن الإنسان و تصير متفردة بإدارة شؤنها، أحد المتخصصين في التعلم العميق يقول بأننا سوف نشهد بداية ذلك في سنة 2040! هذه النقطة غامضة جدا و يصعب شرحها لأنها متعلقة بالوعي تلك الحياة الداخلية التي يعيشها الإنسان عندما يغمض عينيه و يفكر في نفسه و يدرك أنه مستقل و متفرد عن الأخرين. بداية تشكل الوعي عند الأطفال هو عندما يدرك بأن الصورة المنعكسة على المرآة هي له و ليست لطفل أخر يقف مقابلا له. لكن كيف سيحصل ذلك عند الربوت لا نعلم! أحد المرضى أصيب و تأثرت الرؤية لديه و لم يكن يدرك بأنه يري و في تجربة قام بها الأطباء معه و هي التكهن بعدد الأصابع المرفوعة في اليد فكانت النتائج الإحصائية تقريبا 100٪ إجابات صحيحة، هو يشاهد الأصابع المرفوعة لكن لا يدرك ذلك! هذه الحالة تعمق غموض الوعي فمن الممكن و أنت تقوم بأعمال ما و لا تدرك ذلك و لا تشعر بذلك! و كذلك نعممها على الربوت فيمكن أن يقوم بوظائف عالية الدقة و متقدمة لكن تبقى مجرد مهام يبرمج عليها و لا تعتبر وعيا. الوعي ننتجه عندما نفهمه و نفهم أسباب تشكله و ألية عمله. هل محاكة الدماغ البشري بشبكة عصبية ضخمة يكون (nodes ) فيها بعدد الخلايا العصبية في الدماغ يؤدي إلى تشكل الوعي عند الربوت؟ الحقيقة لا نعلم و تبقى هذه الأسئلة غامضة و مفتوحة للباحثين من أجل إيجاد إجابات مقنعة لها.
الكاتب : هشام فلواط – hichem felouat