الذكاء الصناعيكيفمقالات

كيف تشتغل منصات الترجمة الآلية؟

منصات الترجمة الآلية هي أدوات تتيح للمستخدمين ترجمة النصوص بين اللغات بشكل سريع، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي. وقد تطورت هذه الأنظمة بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بفضل التقدم التكنولوجي، مما جعلها تلعب دورًا أساسيًا في تسهيل التواصل بين الأشخاص من مختلف الثقافات واللغات. في هذا المقال، سنغطي كيفية عمل منصات الترجمة الآلية، وأبرز التقنيات المستخدمة، وتطبيقاتها، بالإضافة إلى مميزاتها وعيوبها.

مقدمة عن الترجمة الآلية

الترجمة الآلية هي عملية تحويل النصوص من لغة إلى أخرى باستخدام برامج حاسوبية دون الحاجة لتدخل بشري. هذه العملية تتيح تحويل المعلومات والنصوص بسهولة بين لغات متعددة، وتستخدم على نطاق واسع في العديد من المجالات مثل التجارة الدولية، التعليم، والسياحة، والطب، والعديد من الصناعات الأخرى.

لقد ظهرت الترجمة الآلية لأول مرة في الخمسينات من القرن العشرين، ولكن مع مرور الوقت ومع التطور التكنولوجي، أصبحت أكثر دقة وفعالية. واليوم، نجد العديد من منصات الترجمة الآلية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوفير ترجمات دقيقة وسريعة.

كيف تعمل منصات الترجمة الآلية؟

1. نظام الترجمة القائم على القواعد (Rule-Based Translation)

في البداية، كانت منصات الترجمة الآلية تعتمد على النظام القائم على القواعد، والذي يعتمد على مجموعة من القواعد اللغوية والنحوية التي تحدد كيفية ترجمة النصوص من لغة إلى أخرى. تعتمد هذه الأنظمة على قاعدة بيانات تحتوي على قواعد نحوية و lexicons (معاجم لغوية) يتم من خلالها تحويل الكلمات والعبارات من اللغة المصدر إلى اللغة الهدف.

ومع أن هذه الأنظمة كانت تُنتج ترجمات مقبولة في بعض الأحيان، إلا أنها كانت تفتقر إلى المرونة في التعامل مع التراكيب اللغوية المعقدة.

2. الترجمة الآلية الإحصائية (Statistical Machine Translation – SMT)

بعد فترة، انتقل مجال الترجمة الآلية إلى أسلوب يعتمد على الإحصائيات، وهو ما يُعرف بالترجمة الآلية الإحصائية. في هذا الأسلوب، يتم تدريب النظام على مجموعة ضخمة من النصوص المترجمة من لغة إلى أخرى، ويستخدمها لتحديد الأنماط الإحصائية بين الكلمات والجمل في النصوص المصدر والهدف.

تعتمد الترجمة الآلية الإحصائية على حساب احتمالات الترجمة الأكثر دقة بناءً على تحليل قاعدة بيانات ضخمة تحتوي على جمل مترجمة مسبقًا. وبهذا، يتمكن النظام من تقديم ترجمة تعتمد على السياق والإحصاءات بدلًا من القواعد الثابتة. هذا النوع من الترجمة كان أكثر مرونة من النظام الأول، ولكن كان يعاني من بعض المشاكل في الترجمة الدقيق للكلمات ذات المعاني المتعددة.

3. الترجمة الآلية العصبية (Neural Machine Translation – NMT)

أما الآن، فإن الترجمة الآلية العصبية (NMT) هي الأكثر تطورًا في هذا المجال. تعتمد هذه التقنية على شبكات عصبية اصطناعية (التي تحاكي طريقة عمل الدماغ البشري) لترجمة النصوص. في هذا النظام، يتم تدريب الشبكة العصبية على مجموعات ضخمة من البيانات النصية ثنائية اللغة، ويقوم النظام بتحليل هذه البيانات من خلال ما يُسمى بالنماذج العصبية العميقة (Deep Learning Models) ليتعلم كيفية ترجمة الجمل بدقة عالية.

تُعتبر الترجمة الآلية العصبية ثورية لأنها تُنتج ترجمات دقيقة وطبيعية أكثر من أي وقت مضى. من خلال هذه التقنية، يمكن للنظام أن يفهم السياق بشكل أفضل، ويترجم الجمل بشكل يتماشى مع الأسلوب اللغوي للغة الهدف. هذه الطريقة لا تعتمد فقط على الترجمة كلمة بكلمة، بل على الجملة بالكامل مع مراعاة المعنى الكامل للسياق.

4. الترجمة الآلية المدعومة بالذكاء الاصطناعي (AI-Powered Translation)

تستفيد العديد من منصات الترجمة الحديثة من الذكاء الاصطناعي بشكل أعمق. حيث يتم استخدام تقنيات مثل التعلم العميق (Deep Learning) والشبكات العصبية متعددة الطبقات لفهم الترجمة بشكل أكثر تعقيدًا.

هذه التقنيات تجعل من الممكن للأنظمة تعلم الجوانب الدقيقة للغات المختلفة، مثل العبارات الاصطلاحية والتراكيب النحوية المعقدة، والتي كانت تشكل تحديًا في الأساليب السابقة. إضافة إلى ذلك، هذه الأنظمة يمكنها التكيف مع المتغيرات اللغوية واكتساب مزيد من الدقة مع مرور الوقت.

الأنظمة التي تعتمد على الترجمة الآلية العصبية

من أشهر منصات الترجمة الآلية التي تستخدم تقنيات NMT هي منصات مثل:

  • Google Translate: يستخدم Google Translate الترجمة الآلية العصبية لتقديم ترجمات عالية الدقة. بفضل تعلم الآلة، أصبح يمكن للترجمات أن تكون أكثر توافقًا مع السياق الطبيعي.
  • DeepL: يُعتبر من أفضل منصات الترجمة العصبية في العالم بفضل تقديم ترجمات متميزة ودقيقة، ويستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
  • Microsoft Translator: تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، ويستفيد أيضًا من تقنيات NMT لتوفير ترجمات دقيقة وسريعة.

مزايا الترجمة الآلية

1. السرعة والكفاءة

من أكبر مزايا منصات الترجمة الآلية هي السرعة. بينما قد يحتاج المترجم البشري إلى وقت طويل لترجمة نص طويل، يمكن للأنظمة الآلية القيام بذلك في غضون ثوانٍ. هذا مفيد بشكل خاص في بيئات العمل حيث يكون الوقت عاملًا حاسمًا.

2. التكلفة المنخفضة

تُعتبر الترجمة الآلية أكثر تكلفة مقارنة بالترجمة البشرية. في حالات ترجمة نصوص كبيرة أو مستمرة، تعتبر الحلول الآلية أكثر ملاءمة من حيث التكلفة.

3. إمكانية التوسع

يمكن للمنصات الآلية التعامل مع كميات ضخمة من البيانات والنصوص في وقت واحد. هذا يجعلها مثالية للمؤسسات التي تتعامل مع كميات ضخمة من المحتوى متعدد اللغات.

عيوب الترجمة الآلية

1. دقة محدودة في بعض الحالات

على الرغم من التقدم الكبير في الترجمة الآلية، إلا أن بعض الأنظمة قد تواجه صعوبة في التعامل مع النصوص المعقدة أو الأدبية. على سبيل المثال، قد تكون الترجمة الآلية أقل دقة عندما يتعلق الأمر بالعبارات الاصطلاحية أو النصوص التي تحتوي على معاني غير حرفية.

2. عدم القدرة على فهم الثقافة والسياق

أحيانًا قد تكون الترجمة الآلية غير قادرة على فهم الفروق الثقافية في النصوص، مما قد يؤدي إلى ترجمات قد تكون غير مناسبة أو غير دقيقة.

3. عدم القدرة على التعامل مع الترجمة الإبداعية

الترجمة الإبداعية مثل الشعر أو الأدب قد تكون صعبة بالنسبة للأنظمة الآلية لأنها تحتاج إلى إبداع وشعور بالثقافة، وهو أمر لا يستطيع الذكاء الاصطناعي محاكاته بنفس الطريقة التي يفعلها الإنسان.

الترجمة الآلية في المستقبل

من المتوقع أن تستمر منصات الترجمة الآلية في التحسن مع تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي. ومن المرجح أن تشهد هذه الأنظمة مزيدًا من التطورات في القدرة على التعامل مع اللغات غير الشائعة، وتحسين الدقة في الترجمة السياقية، وتوفير خدمات أكثر تخصيصًا وفقًا لاحتياجات المستخدمين.

 

المزيد من المعلومات

“إذا نظرتُ إلى مقال مكتوب باللغة الروسية، فإني أنظر إلى مقال مكتوب باللغة الإنجليزية إلاّ أنه خضع إلى تشفير معين، كل ما عليّيَ القيام به لأفهم المقال هو فك التشفير”.

إذا أردنا أن نُترجم جملة عربية لجملة انجليزية فسيتحتم علينا أمرين. أول شيء يجب أن نعرف كل كلمة ومُقابلها في اللغة الإنجليزية، بمعني نكون متقنين للمفردات “Vocabularies”، الشيء الثاني يجب أن نكون متقنين لقواعد اللغة، كي نرتب الكلام بحيث يعطينا أفضل إتقان وإيضاح للمعنى.

لماذا سنعلم الآلة أن تترجم، فهل نحن قادرين على تعليمها قواعد اللغة مثلاً؟

الجواب هو نعم، شركات مثل Google وMicrosoft وغيرهم لديهم أنظمة ترجمة ذكية منذ زمن.
بشكل عام لدينا ثلاث أنواع رئيسية للترجمة :
▫ أنظمة الترجمة المعتمدة على القواعد rule-based وهو أقدم نوع.
▫ أنظمة الترجمة الإحصائية statistical MT.
▫ أنظمة الترجمة باستخدام الشبكات العصبونية Neural MT،والتي بدأت Google باستخدامها منذ عام 2016.

في هذا المقال سنتحدث بشكل أساسي عن النوع الثاني والثالت.


🔹 نظم الترجمة الإحصائية SMT :

حتى يكون بمقدور نظام الترجمة الإحصائي ترجمة عبارة أو جملة من لغة (أجنبية) إلى لغة أخرى، فسيحتاج لعدة أمور :
أول شي بصفتنا كخبراء يجب أن نجمع عدد كبير من المصادر الموثوقة، والتي تكون مكتوبة بالإنجليزية ومترجمة للغة أخرى (ألمانية مثلاً)، ثم يجب أن نصمم ونتعامل مع نموذج اللغة “language model”، نموذج الترجمة “translation model”، وشيء مهم للغاية يُسمى محاذاة الكلام “Alignments”.

1. نموذج اللغة _ “language model”، مهمته هي أن يعطيني مقدار احتمالية أن تكون الترجمة التي ترجمها النظام صحيحة لغوياً.. وهذا يُساعد نظامنا على وضع الترتيب الصحيح للكلام المترجم، أي أنه يُعبر ضمنياً عن قواعد اللغة.

2. نموذج الترجمة _ “Translation Model” : يُعطيك احتمالية ترجمة عبارة إنجليزية إلى لغة أخرى. بكلام أوضح فهو يُعبر عن الاحتمالية الشرطية أن العبارة الفرنسية i مثلاً هي ترجمة محتملة للعبارة الإنجليزية e مثلاً. ولنجعل هذا النموذج فعالاً أكثر، فنحن فسنعطي الاحتماليات للكلمات بدل من العبارات. مثلاً الكلمة الألمانية haus يُوافقها house, home, shell, and household بالانجليزية. هذا الشيء كشفه نموذج الترجمة، ولكن بنفس الوقت كشف أن الاحتمالية الأكبر تكون لكلمة house .

3. الرصف Alignments: يُعبر عن mapping بين كلمات اللغة الأصلية وكلمات اللغة الأجنبية. يستخدمونه طي يعرف النظام الكلمات المتوافقة بين اللغتين حتى يبني أشبه ما يكون لقاموس. وهذا كله بالاعتماد على الطريقة الإحصائية “Maximum Likelihood Estimation” و”EM Algorithm.


🔹 نظم الترجمة العصبونية :

مع ظهور الـ deep learning أو ما يُسمى “التعلم العميق” صارت ترجمة neural machine translation هي النمط الأساسي والأفضل بين أنماط ترجمة الآلة.
بهذا النمط يتم استخدام شبكة عصبونية واحدة ضخمة من أجل نمذجة كامل عملية الترجمة، وهذا الشيء يُساعد كثيراً بالتقليل من عمليات الـ feature” engineering” المتعبة. بالإضافة لبساطة هذا النوع، فهو يُعطينا أداء عالي لكثير من الثنائيات اللغوية.

خاتمة

منصات الترجمة الآلية أصبحت أداة حيوية في عالم اليوم المتعدد اللغات. لقد قدمت ثورة في كيفية التفاعل مع اللغات المختلفة، مقدمة حلولًا سريعة وفعّالة للترجمة. ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، من المتوقع أن تصبح هذه الأنظمة أكثر دقة وكفاءة، مما يعزز من قدرتها على التعامل مع تحديات الترجمة المعقدة والمتنوعة.

زر الذهاب إلى الأعلى