منوع

اختبار الذكاء (IQ): مفهومه، تاريخه، أهميته، وكيفية اجتيازه

في عالم اليوم، أصبح مفهوم الذكاء (Intelligence) موضوعًا رئيسيًا في الأبحاث الأكاديمية والعملية على حد سواء. يعتبر الذكاء من أهم القدرات التي تميز الأفراد عن بعضهم البعض، ولهذا السبب، تم تطوير اختبارات لقياسه ومعرفة مدى قدرة الشخص على التعامل مع المشكلات وحلها. أحد هذه الاختبارات هو “اختبار الذكاء” أو “IQ Test”. يُستخدم هذا الاختبار على نطاق واسع لقياس القدرات العقلية للأفراد، سواء في المجالات التعليمية أو المهنية أو حتى في الأبحاث النفسية.

يعتبر الذكاء (IQ) واحدًا من أكثر المفاهيم تعقيدًا والتي أثارت اهتمام العلماء والمفكرين على مر العصور. من الناحية العلمية، يمكن تعريف الذكاء على أنه القدرة على التفكير المنطقي، حل المشكلات، التعلم من التجارب، والتكيف مع الظروف المختلفة. ولكن، كيف يمكن قياس هذه القدرة؟ هنا يأتي دور “اختبار الذكاء” أو ما يعرف باختبار IQ. هذا الاختبار يهدف إلى قياس القدرات العقلية للأفراد وتقييم مستوى ذكائهم مقارنة بمتوسط المجتمع.

في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل تاريخ اختبارات الذكاء، كيف يتم اجتيازها، أهميتها، مدى واقعية نتائجها، كيفية تطويرها وابتكارها، بالإضافة إلى جوانب أخرى مثل كيفية اجتيازها وأهم الانتقادات التي وُجهت لها.

تعريف اختبار الذكاء (IQ)

اختبار الذكاء (IQ)، هو اختبار قياسي يقيس مجموعة من القدرات الذهنية المتعددة، مثل التفكير المنطقي، القدرات التحليلية، حل المشكلات، والقدرة على التعلم. يتم التعبير عن نتائج هذا الاختبار عبر “درجة الذكاء” (Intelligence Quotient)، وهي نتيجة عددية تُعبّر عن مستوى الذكاء بالنسبة لمتوسط الذكاء لأفراد المجتمع.

الاختبار لا يقيس جوانب مثل المعرفة المكتسبة أو الثقافة العامة، بل يركز على القدرات العقلية المجردة، مثل القدرة على التفكير المجرد، السرعة في معالجة المعلومات، وحل المشكلات غير المألوفة.

أصل وتاريخ اختبارات الذكاء

تطوير أول اختبار للذكاء

بدأت فكرة قياس الذكاء في أوائل القرن العشرين في فرنسا. كان الغرض الأساسي هو التعرف على الأطفال الذين يحتاجون إلى دعم إضافي في التعليم. ألفريد بينيه، عالم النفس الفرنسي، هو الذي ابتكر أول اختبار ذكاء عملي في عام 1905 بالتعاون مع زميله ثيودور سيمون. كان الهدف من الاختبار تحديد الأطفال الذين يعانون من صعوبات في التعلم ليتم توجيههم إلى فصول دراسية خاصة.

اختبار ستانفورد-بينيه

بعد تطوير اختبار بينيه وسيمون، تم تبني الفكرة في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قام العالم النفسي لويس تيرمان في جامعة ستانفورد بتعديل الاختبار الأصلي وابتكار “اختبار ستانفورد-بينيه للذكاء”. كان هذا الاختبار أكثر تطورًا ودقة، وأصبح من أكثر الاختبارات استخدامًا في العالم لقياس مستوى الذكاء. بقي هذا الاختبار مرجعًا أساسيًا في هذا المجال لعدة عقود.

اختبار وكسلر للذكاء

في منتصف القرن العشرين، ظهر اختبار آخر أصبح شهيرًا إلى جانب اختبار ستانفورد-بينيه، وهو اختبار وكسلر للذكاء (WAIS). تم تصميم هذا الاختبار لقياس الذكاء العام للأفراد من جميع الفئات العمرية، ويشتمل على مجموعة متنوعة من الأسئلة التي تقيس القدرات اللفظية وغير اللفظية. يعطينا هذا الاختبار تقييمًا شاملاً للذكاء عبر تحليل مجموعة من القدرات العقلية.

أهمية اختبار الذكاء في المجتمع الحديث

في التعليم

من الناحية التعليمية، يُستخدم اختبار الذكاء لتحديد الأطفال الذين يتمتعون بقدرات عقلية عالية أو منخفضة، وهو ما يساعد في توجيههم إلى المناهج الدراسية الملائمة. يُستخدم أيضًا في تحديد الأطفال الذين يحتاجون إلى برامج تعليمية خاصة أو إضافية لتلبية احتياجاتهم التعليمية. على سبيل المثال، يمكن أن تُستخدم اختبارات الذكاء لاختيار الطلاب المؤهلين للبرامج التعليمية المتقدمة أو تحديد أولئك الذين يعانون من إعاقات تعلمية.

في سوق العمل

في عالم الأعمال، يُستخدم اختبار الذكاء كأداة تقييم في العديد من الوظائف التي تتطلب مستوى عالٍ من التفكير التحليلي وحل المشكلات. بعض الشركات الكبيرة تستخدم اختبار الذكاء كجزء من عملية التوظيف لاختيار الموظفين الأكثر قدرة على التعامل مع التحديات المعقدة والمهام الاستراتيجية. يساعد هذا الاختبار في تحديد الأشخاص الذين يتمتعون بقدرات عقلية تؤهلهم لأداء مهام تتطلب التفكير المنطقي، سرعة اتخاذ القرارات، والتعامل مع المعلومات بسرعة وفعالية.

في الأبحاث النفسية والاجتماعية

في مجال الأبحاث، تُستخدم اختبارات الذكاء لدراسة العلاقة بين الذكاء والعوامل البيولوجية والاجتماعية المختلفة. على سبيل المثال، تُستخدم هذه الاختبارات في دراسة تأثير العوامل الوراثية والبيئية على الذكاء، وكذلك لفهم العلاقة بين الذكاء والنجاح الاجتماعي والاقتصادي. هذه الأبحاث تساعد في فهم العوامل التي تسهم في تطوير الذكاء وكيفية تحسين القدرات العقلية للأفراد.

كيف يتم اجتياز اختبار الذكاء؟

التحضير لاختبار الذكاء

على الرغم من أن اختبارات الذكاء تقيس القدرات العقلية العامة، إلا أن هناك بعض الطرق التي يمكن أن تساعد الأفراد على تحسين أدائهم في هذه الاختبارات:

  1. التدريب على اختبارات الذكاء: هناك العديد من الاختبارات التجريبية المتاحة عبر الإنترنت التي يمكن أن تساعد في التعرف على نمط الأسئلة والتدرب على حلها. هذه الاختبارات تمنح الأفراد فرصة لتحسين سرعتهم في حل الأسئلة وفهم الأنماط المختلفة للأسئلة.
  2. الاسترخاء والراحة النفسية: الإجهاد أو القلق يمكن أن يؤثر بشكل كبير على أداء الفرد في اختبار الذكاء. يُفضل الحصول على قسط كافٍ من الراحة قبل أداء الاختبار وضمان الهدوء النفسي.
  3. إدارة الوقت: غالبًا ما تكون اختبارات الذكاء محددة بزمن معين. من المهم تعلم كيفية إدارة الوقت بفعالية لضمان الإجابة على أكبر عدد ممكن من الأسئلة.
  4. التفكير المنطقي: يجب التركيز على الأسئلة التي تتطلب تفكيرًا منطقيًا وتحليليًا. تتطلب العديد من الأسئلة التفكير المجرد أو القدرة على حل المشكلات غير التقليدية.

أنواع اختبارات الذكاء

هناك العديد من أنواع اختبارات الذكاء، ولكن أكثرها شيوعًا هي:

  1. اختبار ستانفورد-بينيه: يعتمد هذا الاختبار على تقييم مجموعة من القدرات مثل التفكير المنطقي، الاستدلال اللفظي، والمعالجة الكمية.
  2. اختبار وكسلر لقياس الذكاء: وهو الاختبار الذي يتم استخدامه بشكل واسع مع الأطفال والبالغين على حد سواء، ويتألف من مجموعة من الاختبارات الفرعية التي تقيس الجوانب المختلفة للقدرة العقلية.
  3. اختبار كتلر-سيس للذكاء غير اللفظي: وهو اختبار يركز على قياس القدرات البصرية والمكانية، ويستخدم غالبًا مع الأفراد الذين يعانون من مشاكل في اللغة.

أنواع الأسئلة في اختبار الذكاء

تتنوع الأسئلة في اختبارات الذكاء بين أسئلة لفظية وغير لفظية، وهي مصممة لقياس مجموعة متنوعة من القدرات العقلية. بعض الأنواع الشائعة من الأسئلة تشمل:

  • الأسئلة العددية: التي تقيس القدرة على التعامل مع الأرقام وحل المسائل الرياضية.
  • الأسئلة اللفظية: التي تقيس القدرة على التفكير المنطقي واستخدام اللغة.
  • الأسئلة المكانية والبصرية: التي تقيس القدرة على التعامل مع الأشكال والمسافات وتصور الحلول في الفضاء.
  • أسئلة الذاكرة القصيرة الأمد: التي تقيس القدرة على تذكر المعلومات لفترة قصيرة واستخدامها لحل المشكلات.

واقعية نتائج اختبار الذكاء: هل هو مقياس حقيقي؟

تُعتبر نتائج اختبار الذكاء واقعية إلى حد ما، ولكن يجب توخي الحذر عند تفسيرها. نتائج اختبار الذكاء تعطي تقييمًا نسبيًا لقدرة الفرد العقلية مقارنة بمتوسط المجتمع. ومع ذلك، هناك بعض العوامل التي يجب مراعاتها عند النظر إلى نتائج الاختبار:

  1. الذكاء ليس مقتصرًا على القدرة العقلية العامة: اختبار الذكاء يقيس بعض الجوانب من القدرة العقلية، لكنه لا يقيس كل أنواع الذكاء. على سبيل المثال، لا يُقيم الاختبار الذكاء العاطفي أو القدرة على التعامل مع الآخرين.
  2. تأثير العوامل الخارجية: يمكن أن تؤثر الظروف المحيطة، مثل الإجهاد أو عدم الراحة النفسية، على نتائج الاختبار. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤثر الخلفية الثقافية والتعليمية على الأداء في بعض الاختبارات.
  3. النجاح في الحياة ليس مرتبطًا بالذكاء فقط: على الرغم من أن الذكاء يمكن أن يساعد في تحقيق النجاح الأكاديمي والمهني، إلا أن هناك عوامل أخرى تلعب دورًا كبيرًا، مثل العمل الجاد، المثابرة، والقدرة على التعامل مع التحديات الاجتماعية.

كيفية ابتكار اختبارات الذكاء

ابتكار اختبار ذكاء دقيق وموثوق به يتطلب عملية تطوير علمية منظمة ودقيقة. يتم ابتكار اختبارات الذكاء من خلال اتباع سلسلة من الخطوات:

1. تحديد الهدف من الاختبار

يجب تحديد ما إذا كان الهدف من الاختبار هو قياس الذكاء العام أم جانب معين منه، مثل القدرات العددية أو اللفظية أو التفكير المكاني. تحديد الهدف يساعد في تصميم الأسئلة بشكل يناسب الفئة المستهدفة.

2. اختيار نوع الأسئلة

بناءً على الهدف المحدد، يتم اختيار نوع الأسئلة المناسبة. يمكن أن تكون الأسئلة لفظية (تعتمد على اللغة)، أو عددية، أو غير لفظية (تعتمد على الأشكال والأنماط). يجب أن تكون الأسئلة متنوعة لتعطي تقييمًا شاملاً للقدرات العقلية.

3. التجريب والتحليل

بعد تصميم الاختبار، يتم تجربته على مجموعة من الأفراد وتحليل النتائج لتحديد مدى دقته وموثوقيته. هذه الخطوة مهمة لضمان أن الاختبار يقيس القدرات المستهدفة بشكل صحيح.

4. التقييم والتحسين

بناءً على نتائج التحليل، يتم تعديل الأسئلة وتحسينها لضمان دقة الاختبار. يتم إزالة الأسئلة التي قد تكون متحيزة أو غير دقيقة، وإضافة أسئلة جديدة لتغطية جوانب مختلفة من الذكاء.

استخدامات أخرى لاختبارات الذكاء

تُستخدم اختبارات الذكاء في العديد من السياقات غير التقليدية، مثل:

  1. الاختيار العسكري: بعض الجيوش تستخدم اختبارات الذكاء لتحديد مستوى القدرات العقلية للمجندين.
  2. البحوث النفسية والاجتماعية: يُستخدم اختبار الذكاء لدراسة العلاقة بين الذكاء والعوامل الاجتماعية مثل الطبقة الاقتصادية أو مستوى التعليم.
  3. التوجيه المهني: يمكن أن تساعد نتائج اختبار الذكاء في توجيه الأفراد نحو المجالات المهنية التي تناسب قدراتهم العقلية.

العلاقة بين اختبار الذكاء والنجاح الشخصي

هناك اعتقاد شائع بأن الأفراد الذين يحصلون على درجات عالية في اختبار الذكاء يكونون أكثر نجاحًا في الحياة. ومع ذلك، الدراسات تظهر أن هذا ليس صحيحًا بالضرورة. الذكاء العاطفي والاجتماعي، المثابرة، والعمل الجاد هي عوامل تلعب دورًا كبيرًا في النجاح الشخصي والمهني.

انتقادات لاختبارات الذكاء

رغم الفوائد العديدة لاختبارات الذكاء، إلا أنها ليست خالية من العيوب. من أبرز الانتقادات:

  1. التأثير الثقافي: بعض الاختبارات قد تكون متحيزة ثقافيًا، حيث تحتوي على أسئلة قد لا تكون مألوفة للأشخاص من خلفيات ثقافية مختلفة.
  2. التقييم الضيق للذكاء: معظم الاختبارات تقيس فقط جوانب معينة من الذكاء، ولا تعطي نظرة شاملة عن الشخص.
  3. الاعتماد على الظروف البيئية: يمكن أن تؤثر الظروف المحيطة أثناء إجراء الاختبار على النتائج، مما يجعلها غير دقيقة في بعض الأحيان.

استخدامات أخرى لاختبارات الذكاء

في المجال العسكري

تُستخدم اختبارات الذكاء في بعض الجيوش حول العالم لتحديد القدرات العقلية للمجندين وتوزيعهم على المهام التي تتناسب مع قدراتهم. يعتمد هذا الاستخدام على القدرة على حل المشكلات بسرعة، خاصة في الظروف الصعبة.

في التوجيه المهني

بعض البرامج التعليمية والمهنية تستخدم اختبارات الذكاء كجزء من عملية التوجيه المهني. يتم توجيه الأفراد إلى المجالات التي تتناسب مع قدراتهم العقلية وتطويرهم بناءً على نتائج الاختبارات.

في الأبحاث النفسية والاجتماعية

تُستخدم اختبارات الذكاء في الأبحاث النفسية لدراسة العلاقة بين الذكاء والعوامل البيولوجية والاجتماعية، مثل التأثيرات الوراثية أو العوامل البيئية. تساعد هذه الأبحاث في تحسين فهمنا للذكاء وكيفية تطويره.

مفهوم الذكاء عبر العصور

الفهم التقليدي للذكاء

على مر العصور، حاول الفلاسفة والعلماء فهم وتفسير ماهية الذكاء. في اليونان القديمة، اعتبر الفيلسوف أفلاطون الذكاء على أنه القدرة على الوصول إلى الحقيقة والمعرفة العليا. من ناحية أخرى، ربط الفيلسوف أرسطو الذكاء بالقدرة على التفكير المنطقي والاستدلال. استمر الجدل حول ماهية الذكاء لأجيال، ولكن مع ظهور العلم الحديث، أصبحت هناك محاولات أكثر منهجية لقياس الذكاء بطريقة علمية.

الذكاء كقدرة عامة (g)

في بداية القرن العشرين، اقترح عالم النفس البريطاني تشارلز سبيرمان نظرية “العامل العام” أو (g)، والتي تفترض أن هناك عاملًا واحدًا عامًا يحدد مستوى الذكاء لدى الفرد. استندت هذه النظرية إلى الملاحظة بأن الأشخاص الذين يحققون أداءً جيدًا في مجال معين يميلون أيضًا إلى التفوق في مجالات أخرى. كانت هذه الفكرة بمثابة الأساس لاختبارات الذكاء الحديثة التي تحاول قياس هذا العامل العام.

الاختبارات المبكرة للذكاء

اختبار بينيه وسيمون

كما ذكرنا، تم تطوير أول اختبار ذكاء عملي بواسطة ألفريد بينيه وثيودور سيمون. كان هدفهم هو تطوير أداة يمكن استخدامها لتحديد الأطفال الذين يحتاجون إلى مساعدة إضافية في المدارس. تميز هذا الاختبار بأسئلته التي تقيس القدرة على التفكير المنطقي والاستدلال. وعلى الرغم من أن هذا الاختبار كان بسيطًا مقارنة بالاختبارات الحديثة، إلا أنه كان نقطة انطلاق لفكرة قياس القدرات العقلية بطريقة علمية.

اختبار ستانفورد-بينيه

عندما تم تطوير اختبار ستانفورد-بينيه، تم تحسينه ليشمل مجموعة أكبر من الأسئلة والقدرات، بما في ذلك القدرات العددية، اللفظية، والتفكير المجرد. يمكن القول أن هذا الاختبار وضع الأساس لفهمنا الحديث للذكاء، وقد ساعد في تحديد الفروق بين الأفراد في القدرات العقلية.

الذكاء العاطفي والاجتماعي

ما هو الذكاء العاطفي؟

في العقود الأخيرة، ظهر مفهوم جديد يعرف بالذكاء العاطفي (EQ)، الذي يشير إلى القدرة على فهم وإدارة المشاعر، سواء كانت مشاعر الذات أو مشاعر الآخرين. في حين أن اختبارات الذكاء التقليدية تركز على القدرات العقلية المجردة مثل التفكير التحليلي وحل المشكلات، يركز الذكاء العاطفي على الجوانب الشخصية والاجتماعية.

تشمل مكونات الذكاء العاطفي القدرة على التعاطف، تنظيم العواطف، والتواصل بشكل فعال مع الآخرين. يعتقد بعض الباحثين أن الذكاء العاطفي قد يكون أكثر أهمية للنجاح في الحياة الشخصية والمهنية من الذكاء التقليدي.

العلاقة بين الذكاء العاطفي والنجاح

تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يتمتعون بذكاء عاطفي عالٍ هم أكثر قدرة على بناء علاقات اجتماعية قوية، والتعامل مع التحديات العاطفية في الحياة اليومية. يمكن أن يكون هذا الذكاء مفتاحًا للنجاح في العديد من المهن، مثل القيادة، التفاوض، والعمل في فرق.

الانتقادات الموجهة لاختبارات الذكاء

التحيز الثقافي

واحدة من الانتقادات الرئيسية لاختبارات الذكاء هي أنها قد تكون متحيزة ثقافيًا. يعتمد العديد من اختبارات الذكاء على أنماط تفكير وحل المشكلات التي قد تكون مألوفة للأشخاص من ثقافة معينة، ولكنها قد تكون غريبة أو غير مألوفة لأشخاص من ثقافات أخرى. على سبيل المثال، قد يجد الأشخاص الذين نشأوا في بيئات تعليمية أقل تقدمًا صعوبة في التعامل مع بعض الأسئلة اللفظية أو العددية.

الذكاء متعدد الأبعاد

انتقاد آخر لاختبارات الذكاء هو أنها تميل إلى التركيز على القدرات العقلية العامة (g)، مع تجاهل أنواع أخرى من الذكاء. على سبيل المثال، نظرية “الذكاءات المتعددة” التي طرحها هوارد غاردنر تُشير إلى أن هناك عدة أنواع من الذكاء، بما في ذلك الذكاء الموسيقي، الذكاء الحركي (الجسدي)، والذكاء الشخصي (الاجتماعي). قد لا تقيس اختبارات الذكاء التقليدية هذه الأنواع من الذكاء، مما يجعل النتائج غير شاملة تمامًا.

استخدامات إضافية لاختبارات الذكاء

الذكاء والوراثة

واحدة من أبرز القضايا التي تناولتها الأبحاث النفسية والاجتماعية هي العلاقة بين الوراثة والذكاء. تشير الدراسات التي أجريت على التوائم المتطابقة إلى أن الذكاء يمكن أن يكون مرتبطًا بالوراثة إلى حد ما، حيث أظهرت هذه الدراسات أن التوائم الذين تم فصلهم عن بعضهم البعض عند الولادة وأُعيد جمعهم لاحقًا في الحياة يظهرون تشابهًا كبيرًا في مستوى ذكائهم، حتى إذا نشأوا في بيئات مختلفة.

الذكاء والبيئة

على الرغم من وجود أدلة على أن الوراثة تلعب دورًا في تحديد مستوى الذكاء، إلا أن البيئة تلعب أيضًا دورًا كبيرًا. يمكن للبيئة المحيطة، بما في ذلك التعليم، التغذية، والتجارب الاجتماعية، أن تؤثر بشكل كبير على القدرات العقلية للأفراد. في هذا السياق، تُظهر الدراسات أن الأطفال الذين ينشأون في بيئات محفزة ومشبعة بالتعلم يظهرون تطورًا عقليًا أسرع من غيرهم.

اختبارات الذكاء في المستقبل

الذكاء الاصطناعي والاختبارات

مع التطور السريع في مجال الذكاء الاصطناعي، يمكن أن تلعب التكنولوجيا دورًا كبيرًا في تطوير اختبارات الذكاء في المستقبل. على سبيل المثال، يمكن أن تساعد الأنظمة الذكية في تطوير اختبارات أكثر دقة وقابلية للتخصيص. يمكن أن تأخذ هذه الاختبارات في الاعتبار العوامل الفردية مثل الخلفية الثقافية والتعليمية، وتقديم أسئلة تتناسب مع قدرات كل فرد على حدة.

اختبارات الذكاء عبر الإنترنت

في الوقت الحالي، تتزايد شعبية اختبارات الذكاء عبر الإنترنت. هذه الاختبارات تتيح للأفراد قياس ذكائهم بسرعة وسهولة. على الرغم من أن هذه الاختبارات قد لا تكون دقيقة مثل الاختبارات الرسمية التي تُجرى في مختبرات نفسية متخصصة، إلا أنها توفر تقديرًا مبدئيًا لقدرات الفرد العقلية.

الذكاء الاصطناعي وتطوير الاختبارات

تخصيص الاختبارات بناءً على الذكاء الاصطناعي

يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الباحثين على تخصيص اختبارات الذكاء بشكل فردي لكل شخص. يمكن أن تُطوّر هذه الاختبارات لتكييف الأسئلة بناءً على الأداء السابق للشخص، مما يوفر تقييمًا أكثر دقة لقدراته العقلية.

اختبارات الذكاء الديناميكية

مستقبلًا، قد تصبح اختبارات الذكاء ديناميكية، أي أنها تتكيف في الوقت الفعلي مع أداء الفرد. على سبيل المثال، إذا كان الشخص يجد سؤالاً صعبًا، قد يتم تقديم أسئلة أسهل لتحديد مستواه بدقة، والعكس صحيح. هذا النوع من الاختبارات سيسمح بقياس أكثر دقة وشمولية لمستويات الذكاء.

الخاتمة

في نهاية المطاف، يعتبر اختبار الذكاء أداة قوية لتقييم القدرات العقلية للأفراد، لكنه ليس المعيار الوحيد للحكم على ذكاء أو قدرات الشخص. من الضروري فهم أن الذكاء له جوانب متعددة، واختبار الذكاء هو مجرد جزء من الصورة الكاملة. يجب التعامل مع نتائج هذا الاختبار بحذر، وعدم الاعتماد عليها بشكل كامل لتقييم الشخصيات أو القدرات.
تُعد اختبارات الذكاء أداة قوية لتقييم القدرات العقلية للأفراد، ولكن لا ينبغي الاعتماد عليها بشكل كامل لتحديد مستوى الذكاء أو النجاح الشخصي. الذكاء مفهوم متعدد الأبعاد، ولا يمكن لاختبار واحد أن يقيس جميع جوانبه. مع التقدم في التكنولوجيا والبحث العلمي، يُتوقع أن تشهد اختبارات الذكاء تطورًا هائلًا يجعلها أكثر دقة وشمولية في المستقبل.

مراجع

  • Alfred Binet, “The Development of Intelligence in Children”, 1905.
  • Lewis Terman, “The Measurement of Intelligence”, 1916.
  • Howard Gardner, “Frames of Mind: The Theory of Multiple Intelligences”, 1983.
  • Wechsler, D., “The Measurement and Appraisal of Adult Intelligence”, 1958.

زر الذهاب إلى الأعلى