نصائح لمشاريع التخرج
لمشروع التخرج و بحثه سمعةٌ سيئة بين الطلاب الجامعيين، لا أذكرُ أحداً مدح لي العمل على مشروع التخرج
أو ذكر لي فوائده أو آنسني بالمتعة التي سأجدها بمشروع التخرج .
كُل ما يُذكر عن طيّبي الذكر – مشروع التخرج و بحث التخرج – أنهما هلاك و تعب و مناقشة و سهر و و و و ..
لذا هُنا و رُبّما على عكس ما يُقال، أطرحُ الحقيقة بعينِ المُجرّب و بعين الناصح و المُحفّز، أقولُ ما أعيشُه الآن بفضل مشروع التخرج و العمل عليه و على بحثه و مُناقشته.
1. أفضل فرق المشاريع هي التي يتكامل أعضائها و إن اختلفوا
تختلف شخصيات البشر وطباعهم اختلافا عجيباً، ولكن رغم هذا الاختلاف ستلاحظ أن الطلاب يتكيفون فيمها بينهم لدرجة تجعلك تشعر أنهم أفضل المجتمعات تكيفاً وتعايشاً.
ربما يكونُ هذا التكيف لإرتفاع درجة الوعي لدى الطلاب الجامعيين و إهتمامهم بهدف مشترك و هو التحصيل الأكاديمي.
أما عندما يتعلق الأمر بمشروع التخرج فإنه مشروع ممتد ما بين سنة و شهور. في هذه الفترة تجري كثيرٌ من الأحداث المستمرة مثل المناقشات و الإجتماعات و العمل.
هكذا يُصبح أعضاء مشروع التخرج في مواجهة اختلافات كبيرة لم يعتادوا عليها في التحصيل الأكاديمي.
وبما أنّ مشروع التخرج هو مستقبل الطالب وخلاصة جهد السنين، فإن التوتر و الضغط النفسي يؤدي إلى صدامات بين فريق عمل مشروع التخرج نسبة لإختلافات لم يستطيعوا إدارتها.
فيحاول بعض الطلاب الهروب من هذه المشاكل باللجوء إلى العمل الفردي بدلاً عن العمل الجماعي من أجل ضمان مجهودهم و من أجل راحة بالهم والهروب من الوقوع في هذه المشاكل.
عندما عملتُ مع زميليّ في مشروع التخرج واجهنا نفس الصعوبات التي يواجهها الطلاب حتى يومنا هذا، و أعرفُ الآن أنّي في ذاك الوقت كُنت ضجراً قلقاً مُتسرعاً للنتائج.
وعلى عكس ما يتوقع الطالب حينئذٍ، بعد أن انقضت التجربة وبعد عدة سنوات من العمل في وظائف مختلفة ما زلتُ أستخدم تلك الخبرات التي تعلمتها من التعامل مع الاختلاف والتعاون وتقسيم الأعمال أثناء العمل على مشروع التخرج.
فقد كان كُل فرد من فريقنا يُكمل نقص الآخر في منطقة ما، ما جعل مشروع التخرّج و بحثه و مناقشة المشروع يكتملون بطريقة ممتازة رغم الاختلافات.
2. لا تجعل الصداقة السبب الوحيد لإختيار فريق عمل مشروع التخرج
من الأساسيات التي يحاول طلاب الجامعات بها اختيار زملائهم في مشاريع التخرج هي درجة تقارب الافكار.
بل ان البعض يحاول اختيار الاصدقاء، والسبب في هذا واضح، فصديقك هو من يفهمك وتفهمه وتستطيعان النقاش والتحاور دون أن تصلا إلى مرحلة الخلاف.
من الجيد اختيار الأصدقاء ومن نتفق معهم في الافكار من أجل العمل، ولكن الفائدة من هذا الاختيار لن تكون كبيرة كما لو اخترت شخصاً مخالفاً لك في الفكر ولكنه جيد في الجزء الذي سيعمل فيه.
فإذا وجدتَ أنّ صديقك هو من تستطيعُ العمل معه لتحقيق هدف مشروع الخرج كما يجب فهذا جيّد، ولكنّه سيءٌ في نفس الوقت.
الحقيقة هي أنّك ستفوّت فرصة لا تُعوّض لتتدرب على العمل مع الأشخاص المختلفين عنك و حتى الذين لا تعرفهم.
3. إسعَ للكمال دون أن تصل
محاولة الوصول إلى الكمال قاتلة، ولكن هذا هو ما يحاولُ الطالب فعله منذ المرحلة الإبتدائية.
احرص على عدم الخلط بين التميز و الكمال .. التميز، أستطيع الوصول له؛ الكمال هو عمل الله.
– مايكل جي فوكس
يحاول الطلاب دوماً الحصول على أفضل النتائج، وهذا ليس عيباً. ربما يرجع ذاك إلى مفهوم الحصول على الدرجة الكاملة 100% والإحساس بالرضا عند الوصول إلى هذه الدرجة.
العمل على مشروع التخرج و ملحقاته يختلف، مثلما حدث معنا.
وضعنا خطتنا لمشروع التخرج و بحث التخرج بأن نطور نظاما يحتاجُ إلى معدات يجب أن نستجلبها من الخارج بعد الحصول على دعم من مصادر متعددة.
بعد أن وضعنا جُهداً مقدراً في الحصول على الدعم و أضعنا وقتاً ثميناً إكتشفنا أننا قد وصلنا إلى وضعٍ حرج لا نستطيعُ معه الحصول على الأجهزة و إكمال المشروع!
كان وضعاً حرجاً فعلاً.
قررنا ألا نتخلى عن مشروعنا و أن نُكمله بإستخدام المحاكاة، لم تكن لحظة سعيدة حين اتخذنا هذا القرار ولكنها كانت السبيل إلى النجاح بدلاً عن البداية من الصفر.
إستطعنا إكمال مشروع التخرج و البحث و المناقشة كأفضل ما يكون و حققنا أهدافنا من المشروع.
رغم ذلك، ولوقت ليس بقليل لم أستطع تقبُّل شعور الياس حين اتخذنا قرار التخلي عن الأحهزة حتى تعلمتُ من الحياة أنّ الكمال ليس مطلباً لذاته ولكنه وسيلة لمساعدتك على استخراج أقصى طاقاتك.
4. تعلّم أن تفشل أولاً، ثمّ تعلّم أن تنجح بعد الفشل
لا أدري لماذا، ولكن الدراسة بنهجها المعتاد لا تعد الطالب للتعامل مع الأخطاء والفشل.
أغلبُ من يُنهي دراسته الجماعية يكون قد مر بمراحل مستمرة من النجاحات دون أن يواجه الفشل ولو مرة واحدة، وهذه ليست علامة جيدة في معيار النجاح في الحياة العملية.
كثرةُ الفشل تعني كثرةَ المحاولات والتي تعني زيادة الخبرات الحقيقية للطالب.
الحياةُ العملية مبنيّةٌ على الدراسات و الإستقصاء ثم التجربة فنجاحٌ أو فشل. ولكن أهمّ من هذا كُله هو النهوض من بين براثن الفشل لتُعاود الكرّة و المحاولة.
أثناء العمل في مشروع التخرج وحتى يُنهى المشروع ويتم تسليمه بالموعد كان يجب على أن نتقبّل فشلاً جزئياً في أهدافنا التي وضعناها في بداية المشروع.
ربما كانت من أوائل اللحظات التي حاولتُ تقبّل الفشل فيها بصدر رحب -رغم عدم استطاعتي تماماً- ولكنها كانت من أفضل الدروس التي تعلّمتُها من مشروع التخرج.
5. إحراز 60% أحياناً أفضل من 100%
كما تعلم، الدراسة هي بداية الحياة العملية، ثم تليها تجارب الحياة العملية.
في مجال الحاسوب و البرمجة من المهم أن نتعلم كيف نُنشئ الأشياء من عدم أو نطور فيما هو موجود.
إعلم تماماً أن القراءة فقط لن تزودك بما يكفيك من الخبرات التي تحتاجها حتى تُتقن هاتين الجزئيتين التين تخصان العمل الحقيقي الذي ستواجهه بعد التخرج.
دور التجارب والتطبيق مهم جداً ولا يُمكن التخلي عنه للنجاح في الحياة العملية، لذا إذا قدمت لوظيفة ستجد أن أصحاب الأعمال يسألونك عن خبراتك السابقة، ماذا أنتجت؟ ما هي فكرة مشروع تخرجك؟ ماذا كان دورك في هذه المشاريع؟
التطبيق العملي في مشروع التخرج كان مفتاحاً لتعلم دروسٍ ربما لم نتقبلها في حينها، و مرّرَنا عبر خبرات كان من الصعب علينا حتى أن نتفهم وجود مثلها في الحياة العملية.
لم يكن التطبيق العملي لمشروع التخرج مماثلاً تماماً لبيئة العمل، ولكنه كان نقلةً حقيقية لطالب جامعي وتهيئة أكثر من ممتازة ليبدأ منها التحول إلى إنسانٍ مُنتج عند الالتحاق بالعمل.
فما لم يكُن مجال دراستك هو أكاديمياً فإن عملك يتعلق بالإنتاج، والإنتاج هو مفتاح النجاح في الحياة العملية.