برمجة

Design Patterns أنماط التصميم في البرمجة

١. مقدّمة

يشكِّل التصميم البرمجي حجر الأساس لأي مشروع برمجي ناجح؛ فهو يحدّد هيكلية النظام، ويمهّد الطريق لصيانةٍ أسهل وتطويرٍ أسرع، ويقلِّل المخاطر التقنية على المدى الطويل. من هنا برزت أنماط التصميم البرمجي Design Patterns كوسيلةٍ منهجيّة مُجَرَّبة تعالج مشكلات متكرِّرة تظهر أثناء بناء البرامج، وتقدّم حلولًا قابلة لإعادة الاستخدام توفّر على المطوّرين الوقت والجهد، وتمنح الشفرة وضوحًا وحوكمةً أعلى.

٢. تعريف ومفهوم أنماط التصميم

أنماط التصميم هي حلولٌ عامّة، عالية المستوى، موثَّقة لمشكلاتٍ متكرّرة في سياقاتٍ معيّنة داخل تطوير البرمجيات. لا تُعتبر هذه الأنماط خوارزميّات جاهزة تُنسَخ وتُستخدم كما هي، بل تُقدَّم كقوالب تصميمية (Templates) توضّح الهيكل البنيويّ والعلاقة بين الكائنات أو المكوّنات لتحقيق هدفٍ محدّد. بكلمةٍ أخرى، تصف الأنماط «ما يجب فعله» لا «كيف يُنفَّذ حرفيًّا».

٣. خلفية تاريخية وبروز فكرة الأنماط

  • أواخر الثمانينيات: ظهرت بذور الفكرة مع ازدهار البرمجة الكائنية OOP في لغات مثل Smalltalk وC++.
  • ١٩٩٤: صدور الكتاب التاريخي «Design Patterns: Elements of Reusable Object‑Oriented Software» لمؤلفيه الأربعة (GoF – Gang of Four). يُعدّ هذا المرجع نقطة الانطلاق الأكثر تأثيرًا، إذ جمع ٢٣ نمطًا وصنّفها إلى فئاتٍ ثلاث: إنشائية، هيكلية، سلوكية.
  • العقد الأول من الألفية الثالثة: توسّع الاهتمام بالأنماط إلى مجالاتٍ أوسع، فظهرت أنماطٌ معمارية (Architectural Patterns)، وأنماطٌ خاصة بالتزامن (Concurrency Patterns)، إضافة إلى أنماطٍ للبرمجة الوظيفية (FP Patterns) والتطبيقات الموزّعة (Distributed Patterns).
  • اليوم: تُدرَّس الأنماط في الجامعات، وتستخدم كمرجعيةٍ أساسية في الشركات الكبرى، وتوثّقها المجتمعات التقنية («Pattern Languages») لتغطي طيفًا واسعًا من المجالات.

٤. منهجية توثيق النمط

عند توثيق أي نمط يُتَّبع قالب شبه موحَّد يتضمن:

  1. الاسم Name – وُضِع لسهولة التواصل بين المطوّرين.
  2. الهدف Intent – ما المشكلة التي يحلّها؟
  3. الدافع Motivation – الظروف والسياق الذي يظهر فيه النمط.
  4. البنية Structure – مخططات الفئات أو المكوّنات والعلاقات بينها (مثل UML).
  5. المشاركون Participants – الكائنات أو الوحدات المشتركة وأدوارها.
  6. التعاون Collaboration – خطوات التفاعل.
  7. النتائج Consequences – إيجابيات وسلبيات النمط.
  8. تنفيذ Implementation – اعتبارات خاصة عند كتابة الشفرة.
  9. أمثلة حقيقية Known Uses – تطبيقات في مكتبات أو أُطر عمل رائجة.
  10. أنماط ذات صلة Related Patterns – تكامل أو صراعات محتملة مع أنماط أخرى.

٥. التصنيف الرئيس لأنماط التصميم

الفئة عدد الأنماط (GoF) الغاية العامة أمثلة مشهورة
أنماط الإنشاء (Creational) ٥ فصل عملية الإنشاء عن التمثيل Singleton – Factory Method
أنماط الهيكلة (Structural) ٧ تنظيم العلاقات بين الكائنات Adapter – Facade
أنماط السلوك (Behavioral) ١١ ضبط آليات التواصل والمسؤوليات Observer – Strategy

إضافةً إلى هذه الثلاثة، سنعرض لاحقًا فئاتٍ متقدّمة مثل الأنماط المعمارية وأنماط التزامن.

٥.١ أنماط الإنشاء

٥.١.١ Singleton

يضمن وجود نسخةٍ واحدة فقط من فئةٍ معينة مع نقطة وصولٍ عمومية. يستخدم للأشياء المشتركة (Connection Pool، Logger).
إيجابيات: حفظ الذاكرة، نقطة تحكّم مركزية.
سلبيات: يصعّب الاختبار (Testing)، وقد يخلق تقييدًا عكسيًّا (Global State).

public class Logger {
    private static final Logger INSTANCE = new Logger();
    private Logger() {}
    public static Logger getInstance() { return INSTANCE; }
}

٥.١.٢ Factory Method

يؤجّل إنشاء الكائنات إلى فئاتٍ فرعية، ما يسمح بتبديل الأنواع دون تعديل الكود العميل. مثال: مكتبة GUI تنشئ أزرارًا متنوّعة لنُظُم التشغيل المختلفة.

٥.١.٣ Abstract Factory

يقدّم واجهةً لإنشاء عائلاتٍ كاملة من الكائنات المرتبطة (Widgets) من دون الالتصاق بالفئات الملموسة.

٥.١.٤ Builder

يفصل بناء الكائن المعقّد عن تمثيله ليُنشأ خطوةً بخطوة. شائع في إنشاء كائنات JSON أو عبارات SQL الطويلة.

٥.١.٥ Prototype

يصنع كائناتٍ جديدة عبر نسخ كائنٍ أوليّ موجود (clone)، ما يقلّل كلفة الإنشاء عند تكرار الكائنات الثقيلة.

٥.٢ أنماط الهيكلة

٥.٢.١ Adapter

يحويل واجهة فئةٍ ما إلى واجهةٍ يتوقّعها العميل، مفيد عند دمج مكتباتٍ قديمة مع حديثة.

٥.٢.٢ Bridge

يفصل التجريد Abstraction عن التنفيذ Implementation بحيث يُطوّران مستقلَين.

٥.٢.٣ Composite

يعامل الكائنات المفردة وتراكيبها المركَّبة بطريقةٍ موحَّدة (شجرة عناصر UI).

٥.٢.٤ Decorator

يضيف وظائف جديدة لكائنٍ موجود أثناء التشغيل دون تغيير بنيته الأساسية.

٥.٢.٥ Facade

يقدّم واجهةً مبسّطة لمجموعة فئات أو أنظمة فرعية معقّدة.

٥.٢.٦ Flyweight

يشارك البيانات الداخلية (Intrinsic) لتقليل استهلاك الذاكرة في كائناتٍ صغيرة العدد هائل التكرار (حروف معالج النصوص).

٥.٢.٧ Proxy

يوفّر بديلًا أو «وكيلًا ذكيًّا» يتحكّم في الولوج إلى كائنٍ آخر (كسل، أمان، كاش).

٥.٣ أنماط السلوك

سنستعرض باختصار أبرزها:

  • Observer (Publish–Subscribe): يفصل الموضوع Subject عن المراقبين Observers بحيث يُحدَّث الجميع تلقائيًّا.
  • Strategy: يغيّر خوارزمية Runtime دون تعديل العملاء، مثل تبديل أنظمة فرز مختلفة.
  • Command: يحوّل طلبًا إلى كائن، ما يتيح وضعه في قائمة أو التراجع عنه (Undo).
  • State: يسمح للكائن بتغيير سلوكه عند تغيّر حالته الداخلية.
  • Template Method: يحدّد هيكل خوارزمية ويترك التفاصيل للفئات الفرعية.
  • Iterator: يوفر وسيلة وصول تسلسلي إلى عناصر مجموعة دون كشف تمثيلها.
  • Mediator: يقلّل التشابك المباشر بين الكائنات عبر كائن وسيط.
  • Memento: يحفظ لقطات حالة الكائن لاسترجاعها لاحقًا (Undo/Redo).
  • Chain of Responsibility: يمرّر الطلب عبر سلسلة معالِجات حتى يعالَج.

٥.٤ أنماط التزامن (Concurrency Patterns)

مع انتشار الأنظمة متعدّدة النوى، ظهرت أنماطٌ لإدارة الخيوط والتزامن:

  • Thread Pool: يحدّ من تكلفة إنشاء الخيوط عبر تجميعها.
  • Future/Promise: يمثّل نتيجةً ستتوفر لاحقًا، ما يمنع الحظر الطويل.
  • Read‑Write Lock: يسمح بعددٍ غير محدود من قرّاء متزامنين وكاتبٍ واحد.

٥.٥ أنماط معمارية عليا (Architectural Patterns)

هذه تتجاوز مستوى الفئة لتغطي تطبيقاتٍ بأكملها:

النمط الهدف المجالات المعتادة
MVC (Model–View–Controller) فصل منطق الأعمال عن العرض تطبيقات الويب وسطح المكتب
Microservices تفتيت النظام إلى خدمات صغيرة مستقلة الأنظمة السحابية الكبيرة
Event‑Driven Architecture بناء مبنيّ على الأحداث والرسائل أنظمة ذات توسع أفقي كثيف

٦. آلية اختيار النمط المناسب

١. تحليل المشكلة بدقة – لا تُستخدم الأنماط من أجل الأنماط فقط؛ يجب توفّر مشكلة متكرّرة حقيقية.
٢. تقييم قيود المشروع – الأداء، الأمان، سهولة الصيانة.
٣. التنبؤ بالتغييرات المستقبلية – ما أكثر المتطلبات عرضةً للتغيّر؟
٤. اختبار قابلية الدمج – كيف سيؤثر النمط في الأنماط أو الأُطر الأخرى في المشروع؟
٥. بساطة التنفيذ – اختر أقل الحلول تعقيدًا يلبّي الهدف.

٧. أثر الأنماط على جودة البرمجيات

  • القابلية لإعادة الاستخدام: بنية معيّارية تسهّل مشاركة الوحدات.
  • قابلية الاختبار: مكونات منعزلة ذات مسؤوليات واضحة.
  • القابلية للتوسّع: إمكانية إضافة وظائف جديدة بأقل تعديلٍ في الشفرة الحالية.
  • قابلية الفهم: توحيد المصطلحات (Facade، Observer…) يجعل الحوار التقني أكثر فاعلية.

٨. تطبيق الأنماط في لغاتٍ مختلفة

٨.١ Java

اللغة تشجع الاستخدام الكثيف للأنماط؛ مكتبات Spring تمتلئ بأنماط Proxy وFactory وSingleton (عبر حاوية IOC).

٨.٢ C#

يوفر .NET خصائص كـ ‑async/await‑ تدعم أنماط التزامن ويستخدم Decorator عبر خصائص (Attributes) في ASP.NET.

٨.٣ Python

يدعم البناء الديناميكي، ما يسهل تزيين الدوال (Decorator) وتطبيق Strategy عبر تمرير الدوال ككائنات من الدرجة الأولى.

٨.٤ JavaScript

موجّه بالأصل إلى البرمجة الوظيفية؛ شائع استخدام Module Pattern وObserver في تطبيقات الويب الحيّة (React Context/Redux).

٩. دراسات حالة

٩.١ متجر إلكتروني متوسط الحجم

  • Factory Method لإنشاء كائنات (Product) متنوّعة.
  • Observer لآلية الإشعار بالطلبيات الجديدة.
  • Facade لواجهة وحيدة تُخفي تعقيدات الدفع والشحن.

٩.٢ نظام حجز مواعيد طبيّة

  • State لإدارة دورة حياة الموعد (محجوز، مؤكَّد، ملغى).
  • Command لدعم ميزة التراجع عن إجراءات الحجز في الواجهة الأمامية.
  • Singleton لجهاز اتصال API مع مزوّد التأمين الطبي.

١٠. جدول مقارنة سريع بين بعض الأنماط الشائعة

النمط سياق الاستخدام إيجابيات سلبيات
Singleton عندما يلزم وجود نسخة واحدة إدارة حالة مركزية صعوبة الاختبار، تعارض مع التوسّع الأفقي
Strategy تبديل خوارزميات Runtime مرونة، فصل الاهتمامات زيادة عدد الفئات
Decorator إضافة وظائف دون تعديل الكائن تجنّب وراثة عريضة يمكن أن تنتج سلاسل معقّدة
Observer التحديث التلقائي للمشتركين فصل قوي، تفاعل آني احتمالية تسرب الذاكرة إذا لم يُفك الاشتراك

١١. ممارسات خاطئة شائعة

  • إفرط في استخدام الأنماط يؤدي إلى «تضخّم معماري» (Over‑Engineering).
  • مزج عدة أنماطٍ متعارضة داخل نفس المكوّن.
  • تجاهل التحسينات اللغوية الحديثة (records, data classes) والتمسّك بأنماطٍ تقليدية بدافع العادة فقط.

١٢. العلاقة مع مبادئ SOLID

  • Single Responsibility ينسجم مع Strategy وState لتفكيك المسؤوليات.
  • Open/Closed يدعمه Decorator وFactory.
  • Dependency Inversion أساس Abstract Factory وFacade.

١٣. الأداء مقابل القابلية للصيانة

قد يضيف استخدام الأنماط تداخلًا إضافيًا (Abstraction Layer) يؤثِّر سلبًا في الأداء الخام، لكن مكاسبه في الصيانة غالبًا ما تتفوّق، خصوصًا مع أجهزةٍ حديثة وأُطرِ عملٍ محسّنة.

١٤. مستقبل أنماط التصميم

مع انتشار الحوسبة السحابية والبرمجة الوظيفية:

  • احتمال تراجع الحاجة إلى Singleton في بيئات Serverless لعدم وجود خادمٍ طويل العمر.
  • صعود أنماط تستند إلى الأحداث (Event Sourcing) وتدفّق البيانات (Stream Processing).
  • ظهور «أنماط تعلم الآلة» لتوحيد بناء خطوط النمذجة (ML Pipelines).

ملخص

ما هو Design Patterns ؟

Design Patterns وبالعربية أنماط التصميم البرمجي هو عبارة عن مجموعة حلول لمشاكل شائعة يقع فيها كل المبرمجين عند بناء البرمجيات (تطبيق، موقع، وغيرها..)، وتعلمهم شيء ضروري وأساسي لأي مبرمج.
كلمة “Pattern” تعني “نمط” و”Design” تعني “تصميم”، والهدف من الـ Pattern Design هو اتباع مجموعة من الأنماط عند تصميم وإنشاء البرمجيات لتجنب الوقوع بمشاكل شائعة لابد أن تقع بها عندما تقوم ببناء البرامج والمواقع.

ما هي أقسام ال Design Pattern ؟

تقسّم الـ Design Pattern إلى ثلاثة أنواع :

  1. Creational
  2. Structural
  3. Behavioral

دراسة ال Design Pattern

لا يمكن دراسة الـ Design Pattern فوراً؛ فلابد من دراسة بعض المواضيع أولاً، مثل :

⁦▫️⁩ أساسيات لغة البرمجة، أي لغة برمجة لأن الـ Design Pattern عبارة عن مبادئ يمكن تطبيقها على جميع لغات البرمجة.
⁦▫️⁩ معرفة قوية بالـ “OOP _ “Object Oriented Programming.
⁦▫️⁩ معرفة Data Structure، والسبب أن أغلب الـ Data Structures تم استخدام الـ Design Pattern لكتابة الكود الخاص بهم.

  •  

١٥. خاتمة

أنماط التصميم ليست عصًا سحرية؛ إنّها حصيلةُ خبراتٍ تراكمية مكثّفة تُعطي المطوّرين لغةً مشتركة وحلولًا مُختَبَرة. التطبيق الواعي لها، مع مراعاة سياق المشروع ومتطلّباته، هو مفتاح النجاح الحقيقي لبنيةٍ برمجيةٍ مستدامة.

١٦. المراجع

  1. Erich Gamma, Richard Helm, Ralph Johnson, John Vlissides. Design Patterns: Elements of Reusable Object‑Oriented Software. Addison‑Wesley, 1994.
  2. Martin Fowler. Patterns of Enterprise Application Architecture. Addison‑Wesley, 2002.
  3. Frank Buschmann et al. Pattern‑Oriented Software Architecture. Wiley, 1996.
  4. Goetz et al. Java Concurrency in Practice. Addison‑Wesley, 2006.
  5. Eric Evans. Domain‑Driven Design: Tackling Complexity in the Heart of Software. Addison‑Wesley, 2003.

زر الذهاب إلى الأعلى